خطوة أولى ..
وتزيدني الأيام المتتالية، وما أشاهده فيها من عجائب الفهم، وغرائب النظر والاستدلال، يقينا بأن كثيرا من الأزمات كان بالإمكان تفاديها، لو أن جاهلا تعلّم، أو – على الأقل – لم يتعالم، فتأنى قبل أن يتكلم !
اختيار المواضيع
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وآله وصحبه.
ما زلت – منذ سنوات طويلة – أقلّب طرفي في قضايا الأمة، الصغيرة والكبيرة، الخاملة والشهيرة، المتيسرة والعسيرة؛ فلا يزيدني تعاقبُ الأيام إلا يقينا بأن الأمة تعيش أزمة وعي مستحكمة، اجتمع فيها ضعف العلم وضحالة الفكر، مع استسهال الخوض في المعضلات، ومناقشة المشكلات، بالفطير من الرأي، والقُلَّب من الفكر !
وتزيدني الأيام المتتالية، وما أشاهده فيها من عجائب الفهم، وغرائب النظر والاستدلال، يقينا بأن كثيرا من الأزمات كان بالإمكان تفاديها، لو أن جاهلا تعلّم، أو – على الأقل – لم يتعالم، فتأنى قبل أن يتكلم !
ثم إن السنوات الأخيرة – على الخصوص – عرفت أحداثا كبيرة في أمتنا، تزعزعت لها قناعات، ونُسفت فيها قطعيات، واضطربت لها منظومات فكرية ..
بل يمكن القول: إن المقولات الفكرية الكبرى التي كانت تؤطر العاملين للإسلام، إلى زمن قريب، وصلت إلى مفترق طرق ولم تعد قادرة على الاستمرار في مهمتها التأطيرية .. وتجديدُها يحتاج إلى جهد فكري جبار، لم تتبين بعدُ معالم الخطوة الأولى فيه ..
وفي مقابل ذلك: يواصل التغريب مسيرته التهديمية، ناشرا الإلحاد والتشكيك والنسبية ..
ويواصل التجهيل تدفقَه في المدرسة والإعلام والشبكة العنكبوتية، وفي كل مكان ..
وبين تغريب يطمس الهوية، وتجهيل يمحو القدرة على استعادتها، يضيّع أفراد الأمة بوصلتهم، فيتناثرون صرعى أمام آلة السوق الاستهلاكية المزمجرة، التي تتفنّن في إخضاعهم، مع تزيين الخضوع في أعينهم !
لقد صار أكثر شبابنا اليوم – وليس الكهولُ أفضل حالا – عاجزين عن فهم تراثهم، وإتقان لغتهم، والتبني الفكري الواعي لثقافتهم.
ولكنهم صاروا أيضا – في الغالب الأعمّ – عاجزين عن فهم ثقافة الغرب، فهما يتجاوز الانبهار السطحي بمظاهر التطور الحضاري، ومقارنتها بحالة الانحطاط الذي تعيش فيه دولهم.
وبين العجزَين، لا يبقى لهؤلاء المساكين إلا الانتساب إلى الفكرة الأكثر بريقا، والأقدر على تسويق نفسها في سوق التواصل والتأثير الإعلامي.
وبعد الانتساب، يأتي التخندق والتعصب، وألوان من الجهل المركب، وتشقيق الكلام في المناقشات والمناظرات، وذبح الأخوة الإسلامية على نصب الخصومات ..
ولكن الحل مركب، كما أن الأسباب مركبة ..
وفي الوقت الذي يكثر فيه النقد السلبي، الذي يهدم ولا يخطو أدنى خطوة نحو البناء، فإن المطلوب اليوم – وهو مطلوب في كل وقت – أن نعمل، ثم نعمل، ثم نعمل ..
وإذا كان في مقدورنا أن نصلح أمورا صغيرة، تبدو لبعض الحالمين تافهة، فلن يمنعنا عجزُنا عن إصلاح ما هو أكبر شأنا، وأعظم خطرا، أن نسعى في فعل تلك الأمور الصغيرة التي نستطيع فعلها ..
لأننا نعلم أن الله يحاسبنا على ما نستطيعه، لا على ما ليس في وسعنا ..
ولأننا نعلم أن الصغير إذا أضيف إلى الصغير، أوشك أن يكون كبيرا، بفضل من الله ومنة ..
وإذا كان من أعظم غاياتنا نشر العلم الشرعي، فلنبدأ ببث ما نستطيعه من ذلك (ولعل “أكاديمية الإمام الباجي” التابعة لمركز إرشاد للدراسات والتكوين، تكون لبنة في الصرح المطلوب تشييده).
وإذا كان منها أيضا نشر الفكر المنضبط، الذي يزيد في وعي الناس، ويقرّبهم من فهم الواقع ومعرفة الواجب فيه، فإن “المقالة” من أجلّ الوسائل الموصلة لتلك الغاية، ومن أعظمها نفعا.
فهذه نافذة مفتوحة، نمد فيها أيدينا لكل من يرى في نفسه الأهلية للكتابة في مجال المقالة، ونرحب من خلالها بكل مفيد أو مستفيد ..
البشير عصام المراكشي
لذلك، نهَد القائمون على “مركز إرشاد للدراسات والتكوين” إلى السعي نحو هذه الغاية الجليلة، ففتحوا هذا الركن الطيب، الذي تُنشر فيه المقالات النافعة، في مجالات مختلفة:
فهذه نافذة مفتوحة، نمد فيها أيدينا لكل من يرى في نفسه الأهلية للكتابة في مجال المقالة، ونرحب من خلالها بكل مفيد أو مستفيد ..
وليكن هذا المقال إذن خطوة أولى في مسار نرجوه طويلا مثمرا ..
والله الموفق.
التعليقات
بارك الله فيكم وفي سعيكم وجعلها بادرة خير!
وجعلنا ممن يعملون في سبيله ويبذلون الصغير والكبير! آمين
وأسعد بالمشاركة في أي شيء تحتاجون وأول عمل لي نشر مقالاتكم المباركة إن شاء الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
يسر الله أمركم لما فيه خير للإسلام والمسلمين
لو أمكن القائمين على هذا الصرح -وليد الشبكة العنكبوتية – حصر كثير من حسابات الإخوة الذين لهم مقالات ممتازة و نافعة في باب العقيدة و كسر صنم الإلحاد و العلمانية و الإنسانية …، و نشرها هنا ، و نذكر منهم على سبيل المثال لا الحصر :
=> الأخ محمد عبد الرحمان الخطيب
=>أبي جعفر عبد الله الخليفي
=>حمود بن ثامر
=>عبد الله بن سليمان التميمي
جزاكم الله خيرا
خطوة مباركة بإذن الله
وفقكم الله وبارك فيكم
جزاكم الله خيرا وبارك في تلك الهمم العالية، ونسأله سبحانه فرجاً قريباً ونصراً عزيزاً، نسعد بمشاركتكم ومساعدتكم في أي شي تحتاجونه .. وفقكم الله.
جزاكم الله خيرا
مبادرة جيدة من ونسال الله ان يوفق الشيخ لما فيه صلاح هذه الامة وان لا يكون المركز زيادة عددية فقط
هي ذي همم أهل العلم وأهدافهم المعلومة وغاياتعم المنشودة وراياتهم المرفوعة وأسلحتهم المشهورة
نفع الله بكم شباب الأمة شيخنا
بارك الله في سعيكم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
بارك الله فيكم و وفقكم الله لما فيه الخير لعباده
جزاكم الله خيرا على هذه المبادرة الرائعة والمفيدة
بارك الله فيكم وفي سعيكم وجعلها بادرة خير!
وجعلنا ممن يعملون في سبيله ويبذلون الصغير والكبير! آمين
صرح فكري سيكون مثمرا بلا شك .. بارك الله في أعمالكم
لبنة رصينة من لبنات العمل الاسلامي المثمر والموجه للمسار ان شاء الله. سدد الله خطاكم وبارك جهودكم وجعلكم صوت الحق وضمير الأمة..
ما أكثر مواقع التفاهة، وما أحوجنا إلى مواقع تعكس ثقافتنا الحقة، وفقكم الله وسدد خطاكم.
جميل جدا .. اللهم وفق وتقبل..
بارك الله فيكم و سدد خطاكم، أدعوا الله القدير أن يجعلها في ميزان حسناتكم
رائع جدا بارك الله فيكم و وفقكم لكل خير
اللهم بارك
بارك الله فيكم ونفع بكم