إنه أندى صوتا منك
لا ينقص من قدْرك أو قيمة فكرتك أو مشروعك العلمي أو الدعوي إن تولى غيرك مهمة التنزيل والتوقيع ..
اختيار المواضيع
لا ينقص من قدْرك أو قيمة فكرتك أو مشروعك العلمي أو الدعوي إن تولى غيرك مهمة التنزيل والتوقيع ..
الحياة تتكامل بجميع أجزائها لا بمفرداتها، كقطع فسيفساء تعضد بعضها بعضا لتشكل لوحة ذات منظر متماسك ..
أجل، ذلك التعبير اليسير الذي يظهر على مُحَيَّاك، والذي لا يتطلب منك أي مجهود، ولا يأخذ منك أكثر من ثانيتين، ولا تنفق عليه أي شيء، هو في ديننا الحنيف صدقة !
تجلّت فوارق كبيرة في النتاج الأدبي فيما قبل زمن الحداثة وما بعدها، وظهر التأثر بالغربيّ المستورد في محاولة للتماهي مع أدواته، بوصفه المثال الأقوى والأوضح..
إننا نومن أن التراث الإسلامي يحتاج دائما إلى تجديد وتنقيح، وقد أخبرنا بذلك رسولنا صلى الله عليه وسلم حينما قال: "إن الله يبعث لهذه الأمة على رأس كل مائة سنة من يجدد لها دينها" ولكن ما المقصود بالتجديد؟ ومن يتولى مهمة تجديد التراث وتنقيحه؟
كفانا تسولا على عتبات معبد "حقوق الإنسان"، واستجداء لأن يُدخلنا الغربُ في جنس هذا "الإنسان" الذي تُحفظ حقوقه .. كفانا انطراحا أمام هيكل "القيم الكونية الإنسانية"، ورجاءً لأن تشملنا بردائها الفضفاض .. كفانا تسبيحا بحمد "ثقافة التنوير"، التي لم نر منها – في تاريخنا الحديث - إلا ظلام العبودية والذل ..
إن عملية الهدم هي أسهل من عملية البناء، وإن عملية التبعية التي نعيشها اليوم إنما تقودنا إلى هدم ما أقمنا بناءه وقواعده عبر أجيال وتاريخ طويل، وإن هدم بناء الدين يبدأ بهدم الثقافة واللغة ..
لقد صارت اللغة العربية بعد انتشار الإسلام في كل الأعراق والألوان شعار وحدة بين هذه الأمم، وسهلت التواصل بين المسلمين، وصارت حية في كل بلد حيي أهله بالإسلام ..
إن الحكمَ بانتفاء الوجود الإلهي، وجَعْلَ التدين والبحث عن قوة عُليا نتيجةً للخوف، ما هو إلا مغالطة الأصل المنطقية، التي يُبتدَأُ فيها بالحكم سلبا أو إيجابا على منبع الفكرة، دون التعرض للفكرة ذاتها ومؤيِّداتها ..
إن الحديث عن مساواة المرأة بالرجل حق يقصد به باطل، وتسوية مآلها الظلم والإجحاف، بل منطقيا هو من باب طلب تسوية المتغايرات والمتقابلات، كمن يحاول مساواة الليل بالنهار، والأبيض بالأسود، ويحاول أن يساوي مساحة مثلث بمربع.
يعد توقيع الأفكار والمشاريع الإصلاحية والدعوية وتنزيلها على أرض الواقع من أصعب المهمات والأعمال، فهو لا يقل أهمية عن ولادة الفكرة نفسها أو ابتكار المشروع الإصلاحي أو الدعوي. وكم من فكرة دخلت مقبرة الأفكار، وكم من برامج دعوية فشلت، وكم من مشروعات إصلاحية انتكست، ولا يعود السبب إلى موضوع الفكرة من حيث هي، فقد تقررت قوتها؛ ولا إلى موضوع البرامج الدعوية، فقد ظهرت نفاستها؛ ولا إلى موضوع المشروعات الإصلاحية، فقد عُرفت سلامتها؛ وإنما يعود السبب في تلك النتائج المخيبة للأمل إلى من أشرف على تنزيل هذه الأفكار والبرامج والمشروعات على أرض الواقع.
ولهذا، قد تكون أنت صاحب فكرة قوية، أو صاحب برنامج دعوي نفيس، أو صاحب مشروع إصلاحي سليم، ولكن لا يعني هذا لزاما أن تكون أنت أولى بالإشراف على توقيع ما رسمته أو فكرت فيه، فلابد من النظر في المؤهلات التي يتم من خلالها إنجاز ما تسعى إلى تحقيقه هل تمتلكها أو لا؟
ولا ينقص من قدْرك أو قيمة فكرتك أو مشروعك العلمي أو الدعوي إن تولى غيرك مهمة التنزيل والتوقيع، بل قدرك وقيمتك الحقيقية عند الحكماء والعقلاء تكمن في نجاح الفكرة نفسها، فأنت بها وليس العكس، فنجاحها نجاحك وفشلها فشلك
وللأسف، قد ضاعت أعمال جليلة وأعمار ثمينة بسبب الغفلة أو التغافل عن التفريق بين المجالين؛ مجال ولادة الفكرة أو ابتكار المشروع أو تصميم البرنامج ومجال توقيعها وتنزيلها على أرض الواقع.
نستأنس لهذا التوجيه المهم بما دلت عليه السنة النبوية الشريفة على صاحبها أزكى الصلاة والسلام فيما يتعلق بقصة تشريع الأذان ومن تولى مهمة توقيعه، روت لنا كتب المجامع والسنن، واللفظ للإمام الدارقطني، أن عبد الله بن زيد رضي الله عنه قال: لَمَّا أَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- بِالنَّاقُوسِ أَطَافَ بِي وَأَنَا نَائِمٌ رَجُلٌ فَأَلْقَى عَلَىَّ؛ فَذَكَرَ الأَذَانَ مَرَّتَيْنِ مَرَّتَيْنِ، وَالإِقَامَةَ مَرَّةً مَرَّةً، فَلَمَّا أَصْبَحْتُ أَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- فَأَخْبَرْتُهُ بِمَا رَأَيْتُ فَقَالَ -صلى الله عليه وسلم-:
“إِنَّهَا لَرُؤْيَا حَقٍّ إِنْ شَاءَ اللَّهُ، فَقُمْ مَعَ بِلاَلٍ فَأَلْقِ عَلَيْهِ مَا رَأَيْتَ؛ فَإِنَّهُ أَنْدَى صَوْتًا مِنْكَ”.
فَسَمِعَ ذَلِكَ عُمَرُ رضى الله عنه فَقَالَ: وَالَّذِى بَعَثَكَ بِالْحَقِّ لَقَدْ رَأَيْتُ مِثْلَ الَّذِى رَأَى. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- “فَلِلَّهِ الْحَمْدُ”.
ومحل الشاهد من الحديث أنه رغم اصطفاء عبد الله بن زيد بهذه الرؤيا التي هي جزء من الوحي العظيم الذي أكرم الله به هذا الصحابي الجليل وشرّفه الله به، فإن مهمة الأذان أو أداء ما رأى وتوقيعه أسندت إلى غيره، والسبب في ذلك أن هناك من هو أقدر على ذلك منه، وهذا المعنى هو المستفاد من قوله -صلى الله عليه وسلم- “فَإِنَّهُ أَنْدَى صَوْتًا مِنْكَ”.
كان بالإمكان أن يصطفي الله عز وجل بلالا رضي الله عنه بهذه الرؤيا، فيكون من رأى هو من أدى وأذّن، وكان بالإمكان كذلك أن يأمر النبي -صلى الله عليه وسلم- أن يؤذن من رأى الرؤيا، أي ابن زيد رضي الله عنه، ولكن لم يكن لا هذا ولا ذاك، ولله جل جلاله الحكمة البالغة ولرسوله، فهل من مستبصر ومستفيد.
التعليقات
وخلاصه الكلام ان الابداع يكون عندما يكون الشخص المناسب فى المكان المناسب وليس الشخص الاتقى ولا الاورع ولا من هو أقرب للقياده .
السلام عليكم ورحمة الله…..الموضوع جدير بالاهتمام…عندي تصور وأفكار وخطة لعمل تربوي يخدم الناشئة والمجتمع…مع من أتواصل ؟؟ وشكرا.
ما شاء الله! جزاكم الله خيرا.