الابتسامة.. أمر صغير، وأثر كبير، وأجر كثير
أجل، ذلك التعبير اليسير الذي يظهر على مُحَيَّاك، والذي لا يتطلب منك أي مجهود، ولا يأخذ منك أكثر من ثانيتين، ولا تنفق عليه أي شيء، هو في ديننا الحنيف صدقة !
اختيار المواضيع
روى الترمذي عن أبي ذر الغفاري رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: “تبسمك في وجه أخيك لك صدقة”.
أجل، ذلك التعبير اليسير الذي يظهر على مُحَيَّاك، والذي لا يتطلب منك أي مجهود، ولا يأخذ منك أكثر من ثانيتين، ولا تنفق عليه أي شيء، هو في ديننا الحنيف صدقة !
والواقع أنك حين تتأمل عظم تأثير التبسم، وما يفعله في دنيا الناس، يجعلك لا تتعجب من كونه حركة يؤجر عليها صاحبها.
فابتسامة واحدة قد تكفي لتليين قلبٍ قاسٍ، ولإعادة الأمل إلى نفس قانطة، ولبث الثقة في روح يائسة، ولإعطاء الأمان لشخص خائف.
بل أول شخص يستفيد من التبسم هو صاحبه، فقد أجرى أخصائي نفساني ألماني، وهو الدكتور “فريز ستراك” تجربة فريدة على مجموعتين من الناس، فطلب من أعضاء المجموعة الأولى أن يمسك كل واحد منهم قلما بأسنانه ويقرأ كتيبا مسليا، وطلب من أعضاء المجموعة الثانية أن يمسك كل واحد منهم قلما بشفتيه ويقرأ نفس الكتيب، فكانت النتيجة أن المجموعة الأولى كانت أكثر حيوية ونشاطا ومرحا، لأن إمساك القلم بالأسنان يجعل الشخص أقرب للتبسم، بخلاف المجموعة الثانية التي شق على أعضائها التبسم لانقباض الفم، فخلص الدكتور “فريز ستراك” إلى أن التبسم مهم للإنسان ومفيد له قبل غيره.
كما ثبت في مجال العصبيات أن التبسم يساعد على إفراز مادة الأندورفين L’Endorphine التي تشعر صاحبها بالسكينة والهدوء، وتعينه على تجاوز الضغوط النفسية.
فجرب أن ترسم على وجهك ابتسامة في أغلب أوقاتك، وانظر بنفسك إلى أثرها على معنوياتك، كما لا تنس أن تلحظ ما تفعله في غيرك، فتبسم لأهلك وأقاربك وضيوفك، وتبسم للناس وأنت تقود سيارتك، وأنت تتسوق، وأنت في العمل، وأنت في المسجد…
بل تبسم وأنت تلتقي ببعض من يعاني، وهم من باب أولى، كالمريض، والخائف، والقلق، وسترى سحر الابتسامة وعجائبها !
وقد جعله النبي صلى الله عليه وسلم من المعروف، فقال عليه الصلاة والسلام فيما رواه مسلم من حديث أبي ذر رضي الله عنه: “لا تحقرنَّ من المعروف شيئًا، ولو أن تلقى أخاك بوجه طَلْق”.
وطلاقة الوجه بشاشته بالتبسم.
فلا غرو إذن أن يعتبر الشرع التبسم صدقة، ويرتب عليه أجرا، بل هذا من دلائل نبوة سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم الذي جمع بين الدعوة إليه وبين فعله، فقد كان عليه الصلاة والسلام دائم التبسم، فها هي أمنا عائشة رضي الله عنها تصفه بقولها: “كان ألين الناس وأكرم الناس، وكان رجلا من رجالكم، إلا أنه كان ضحاكا بساما”، رواه ابن سعد في الطبقات الكبرى.
وروى الشيخان عن جرير بن عبد الله البجلي رضي الله عنه أنه قال: “ما رآني رسول الله صلى الله عليه وسلم منذ أسلمت إلا تبسم في وجهي”.
وروى الترمذي أن عبد الله بن الحارث رضي الله عنه قال: “ما رأيت أحدا أكثر تبسما من رسول الله صلى الله عليه وسلم”.
وهو من أسباب نيل المغفرة، فقد روى ابن أبي الدنيا عن معاذ بن جبل رضي الله عنه أنه قال: “إذا الْتقى الْمسلمان فضحك كل واحد منهما في وجه صاحبه، ثم أخذ بيده تَحَاتَّتْ ذنوبُهما كما يَتَحَاتُّ ورق الشجر”.
والحديث وإن كان موقوفا، إلا أنه في حكم المرفوع لأنه مما لا يقال فيه بالرأي.
كما عده سفيان بن عيينة من أصول البر إلى جانب الكلام الطيب، فقال رحمه الله “البرّ شيء هيِّن، وجه طلق وكلام ليِّن”.
فالابتسامة من أعظم أسباب دفع الوحشة وجلب الألفة، ومن أهم وسائل طرد الحقد والكره ونشر المودة والمحبة، وكم نحن في حاجة إليها، ولاسيما في زماننا هذا الذي كثر فيه الضغط والإرهاق والعناء، وانتشر فيه العُبوس والتجهم، مع أنه لا يُحتاج إلى شيء كبير لفعلها ولإظهارها، وإنما يكفي المرءَ إرادةٌ داخلية، وهو أمر يسير لمن يسره الله له.
وقد رأينا أجرها وسنيتها، وفضلها وأثرها على النفس، ووقعها الإيجابي على الآخر، فلنتبسم .. !
التعليقات
الابتسامة صدقة مجانية يحتاجها كل البشر عل حد السواء غنينا وفقيرنا كبيرنا وصغيرنا رجالنا ونساؤنا شبابنا وبناتنا لها في النفس الأثر الكبير هي مفتاح للقلوب هي قوة داخلية تحيي الروح وتبعث بالأمل .